حول العالم
النبوءة المحققة لذاتها
النبوءة المحققة لذاتها
فهد عامر الأحمدي
آراؤنا المسبقة مسؤولة بنسبة كبيرة عن تشكيل مواقف الآخرين تجاهنا وكيفية تعاملهم معنا.. فإن أخذت مثلا فكرة مسبقة عن شخص بأنه مخادع (أو يضمر لك سوء النية) ستعامله على هذا الأساس وتتصرف معه بفظاظه وحذر (بدون أن يستحق ذلك فعلا).. وحين يشعر هو بمعاملتك هذه يتصرف معك على نفس الأساس (لأن لكل فعل رد فعل معاكس في الاتجاه) وحين يفعل ذلك تشعر أن ما افترضته فيه كان صحيحا (منذ البداية) فتستمر بالتعامل معه على هذا النهج حتى تصلا لنقطة "اللاعودة" ومرحلة التصادم الحقيقي..
... وهذا مجرد مثال لنبوءات شخصية نعمل على تحقيقها وتجسيدها بدون وعي منا.. وقدرتنا اللاواعية على تحقيق هذا النوع من النبوءات يندرج تحت نظرية اجتماعية (تحمل نفس الاسم) تشرح دور التوقعات المسبقة في بلورة السلوك البشري.. وهذه النظرية (التي وضعها عالم الاجتماع كي ميرتون عام 1949) تندرج بدورها تحت ظاهرة أكبر تثبت أن أفكارنا - لا تحدد طريقة معاملة الناس لنا فقط - بل وتساهم في تشكيل حياتنا وتجسيد أحلامنا وطموحاتنا!
ورغم عدم نيتي الحديث عن الظاهرة الأكبر (كوني تحدثت عنها في مقال بعنوان: يبقى الشيء ساكنا حتى تفكر فيه فيتحرك باتجاهك) إلا أنني أود التركيز على دور الآراء المسبقة في رسم الأحداث وتجسيد الوقائع..
فمن الخطير فعلا أن يملك أحدنا "ظنوناً مسبقة" و"آراء جاهزة" كونه سيعمل بلا وعي على تحقيقها.. وكل من يملك شخصية تصادمية - تتمحور حول الشك وسوء الظن - يعمل بلا قصد على أقلمة من حوله للتعامل معه على هذا الأساس.. ويجتمع سوء الظن إلى العنصرية حين نأخذ فكرة خاطئة عن الأجانب فنتصرف معهم بحذر وتشكيك فيتصرفون (بالتالي) برد فعل مماثل (بحيث) يجسدون آراءنا على أرض الواقع / وعندها تتأكد ظنوننا ويزداد رأينا فيهم قوة ورسوخا..
وهذه التركيبة (المحققة لذاتها) قد تحدث بين الأب والابن، والمدير والموظف، والحاكم والرعية، بل وبين الدول ذاتها.. فقد ترى جورجيا مثلا أن روسيا تضمر لها الشر بسبب اقليم أوسيتيا فتعلن حالة الاستنفار ، ومن جهتها ترى روسيا بذلك استفزازا مباشرا فتدفع بقواتها تجاه الإقليم فتنشب حرب فعلية بين الطرفين.. والتوتر الذي يقع على حدود الدول بهذه الطريقة هو السبب الأول لنشوب الحروب والصراعات - حيث يتجسد سوء الظن على أرض المعركة قبل أن يكتشف الجميع عدم وجود سبب حقيقي لمجمل الخسائر - !
... أما الجانب الايجابي في هذه الظاهرة فهو أنها تعمل بنفس الكفاءة على الجانب المقابل لسوء الظن.. فحين تمنح أحدهم ثقتك الكاملة يعاملك (هو) بنفس الطريقة والمستوى فتتأكد (أنت) من صدق حدسك فتستمر في معاملته على هذا الأساس.. فكم مرة مثلا اشتريت شيئا من بقالة الحي ثم اكتشفت عدم امتلاكك للمال الكافي فيقول لك البائع (لا بأس ؛ احضر المال لاحقا) فيتملكك شعور بضرورة تحقيق ثقته بك فترد له المال بأسرع وقت ممكن..
وهذا الأسلوب (في تجسيد النبوءات الحسنة) قد يشكل أساس علاقة حسنة ومتينة بين الأب والابن، والمدير والموظف، والحاكم والرعية، بل وحتى بين الدول ذاتها.. فلو أعلنت جورجيا مثلا ثقتها بموسكو وسحبت قواتها لداخل الحدود لما بقي أمام روسيا (على الأقل حفاظاً على سمعتها الدولية) سوى التجاوب وسحب قواتها لنفس المسافة!
...على أي حال هذه مجرد أمثلة (وكلي ثقة) بمهارتك في تطبيق الجانب الحسن من الفكرة!
الأربعاء 11 سبتمبر 2013, 8:27 pm من طرف ابو ريما
» وزير النقل ينجو من حادث مروري على طريق الدمام
الأربعاء 11 سبتمبر 2013, 8:27 pm من طرف ابو ريما
» اقرؤوها و ستذهلون يا أمة محمد
الأربعاء 11 سبتمبر 2013, 8:26 pm من طرف ابو ريما
» موضوع خطير(ديننا مكتمل ولا يحتاج الى اكاذيب)
السبت 09 يونيو 2012, 6:26 am من طرف aynechamse
» وصلتنى هذه الرسالة وعندما فهمتها أبكتنى كثيراً
السبت 09 يونيو 2012, 6:13 am من طرف aynechamse